" تتكلم بكلام العقلاء ثم أراك تهتم بما لا يهتم به العقلاء! ألا تعلم أن العاقل في مثل هذا الموقف لا يبالي بالحياة ومصيرها؟ هل تظن أنني أنا، وأنت، وجميع هؤلاء الملوك، وسائر هؤلاء الناس، وجدوا بعد أن لم يكونوا شيئا؟
هذا ما لا يقوله عاقل، لا يمكن وجود شئ من لا شئ، كل من هو موجود الآن وجد من قبل، وسيبقى موجودا دائما، وكما ترى الحياة تطرأ عليها الطفولة، والشباب، والشيخوخة، كذلك ينتقل الروح من جسد إلى جسد آخر، وهذا التنقل هو الذي نسميه بالموت، ولكن العقلاء لا يزعجهم اسم الموت.
" يا أرجنا! إن الألم واللذة، مناطهما بالمشاعر التي مآلها إلى الفناء، فلا ينبغي لك أن تقيم لها وزنا، والذي يرتفع فوق الألم واللذة هو الذي ينال السعادة الدائمة والنجاة الأبدية، لا يمكن أن ينعدم ما هو موجود ولا يمكن وجود شئ من العدم، عليك بهذه المعرفة.
" يا أرجنا! يفنى الجسم ولا فناء للروح، فالروح ليس له بداية ولا نهاية، فعليك يا أشجع الشجعان، أن تبعد الأفكار الباطلة عن نفسك وأن تتأهب للقتال، لأن واجبك هذه الساعة هو القتال!
" عليك أن تعلم أن الروح لا يقتل ولا يقتل. إنه ليس بأمر حادث، بل قديم، أزلي، أبدي، لا يتغير ولا يتبدل، ولا يموت بموت الجسد، فالذي يرى الروح خالدا يعلم كذلك أنه لا يفتل أحدا ولا يقتله أحد.
وكما يبدل الإنسان لباسه، كذلك الروح يغير قشرته، فينتقل من جسد إلى جسد.
" أكرر لك يا أرجنا، أن الروح لا يموت ولا يزول، إنه خالد، لا النار تحرقه، ولا الماء يغرقه، ولا السلاح يقطعه، هو دائما على حالة واحدة، لا يقبل التغير والتبدل، وإن كنت في ريب مما أقول، وترى