والإيمان بإله، اتجاه نفسي قوي لا يقل عن قوة الغرائز في البشر، وإهمال هذا الاتجاه يحدث ارتباكا واضطرابا، ومن أجل هذا نجد أتباع بوذا من بعده يفكرون في الإله، ويعملون على الوصول إليه أو التعرف عليه، ولما كان بوذا قد ترك هذا المجال خاليا، فقد لعبت بهم الأهواء فاتجه بعضهم إلى الاعتقاد أن بوذا ليس انسانا محضا، بل إن روح الله قد حلت به، وهذه العقيدة تشبه عقيدة الحلول التي يعتنقها بعض المسيحيين في السيد المسيح، فيقولون إن شخصيته ثنائية: لاهوتية وناسوتية، وإن الشخصية اللاهوتية حلت بالناسوت، وتسربت هذه العقيدة أيضا إلى " مدعي التشيع " فقالوا بها فيما يتعلق بعلي بن أبي طالب، وعاقبهم رضي الله عنه بما يستحقون، بل ذهب بعض البوذيين إلى القول بأن بوذا كائن لاهوتي هبط إلى هذا العالم لينقذه مما فيه من شرور (1).
وقد تسربت هذه العقيدة كذلك لبعض الطوائف المسيحية.
الله عند اليهود:
لم يستطع بنو إسرائيل في أية فترة من فترات تاريخهم أن يستقروا على عبادة الله الواحد الذي دعاه له الأنبياء، وكان اتجاههم إلى التجسيم والتعدد والنفعية واضحا في جميع مراحل تاريخهم، وعلى الرغم من ارتباط وجودهم بإبراهيم إلا أن البدائية الدينية كانت طابعهم، وتعد كثرة أنبيائهم دليلا على تجدد الشرك فيهم، وبالتالي تجدد الحاجة إلى أنبياء يجددون الدعوة إلى التوحيد، وكانت هذه الدعوات قليلة الجدوى على أي حال، فظهروا للتاريخ بدائيين يعبدون الأرواح، والأحجار، وأحيانا مقلدين يعبدون معبودات الأمم المجاورة التي كانت لها حضارة وفكر قلدهما اليهود. ويقول Shotwell، J (2) إن اليهود كانوا في مطلع ظهورهم على مسرح التاريخ بدوا رحلا تسيطر عليهم الأفكار البدائية كالخوف من الشياطين، والاعتقاد في الأرواح، وكانوا يعبدون