الحكمة، فالحكمة هي الجسر الوحيد الذي يجتاز عليه المرء بسلام بحر هذا العالم، وتنال الحكمة بالسعي والجهد، لأن العلم لا ينزل علينا بنفسه، فالسعي والجد هما الأساس، وليس هناك شئ يسمى الحظ أو القضاء والقدر فنحن الذين نخلق حظنا بمجهودنا، وليس من سبيل لتجنب الشقاء أو التخلص منه إلا بسعينا وجهودنا، فالذين يتكلون على القضاء والقدر ولا يسعون بأنفسهم هم أعداء أنفهسم، وهم الجهلة والكسالى. فالحظ اسم لشئ لا وجود له إلا في أوهام العجزة البله.
" فإذا كان هناك شئ يصح أن يسمى الحظ فذلك الشئ هو أعمالنا الماضية، ومن أجل هذا يجب على كل واحد منا أن يسعى بعزم ثابت ليحقق ما يريد.
" وأول ما يطالب به الطالب الباحث عن الحق أو الراغب في تحرير نفسه من انحلال العبودية يتلخص في كلمات أربع هي: الطمأنينة، والقناعة، وملازمة الحكماء، والتأمل العميق، ومعنى الطمأنينة أن يصفو قلب المرء من كل كدر، ومعنى القناعة ألا يرغب في شئ ولا يعادي شيئا، فالحكمة لا تنزل على العقل الذي استعبدته الأهواء والرغبات، ومصاحبة الحكماء تزيل الظلمات عن القلب، والتأمل العميق هو الوسيلة إلى الحق.
" ويعرف الشخص الذي تجمعت فيه هذه الصفات بأن يصبح في حال لا السرور يسره، ولا الألم يحزنه، ولا يتأثر قلبه بالرغبة أو الكره، وأنه على رغم انهماكه الظاهر في الأعمال الدنيوية لا يتعلق عقله بشئ من الدنيا، لا يؤذي سلوكه أحدا، يكون صديقا للجميع، ترى ظاهره مشغولا ولكن باطنه في الحقيقة مطمئن تمام الاطمئنان، تحرر من جميع قيود الطوائف والمعتقدات والطبقات والتقاليد والعادات والكتب، استراح