ولا بحر أو برد، ولا بخوف أو حياء، ولا بجوع أو عطش، ولا بخير أو شر. والجيني بذلك يصل إلى حالة من الجمود والخمود والذهول فلا يشعر بما حوله، ودليل ذلك أن يتعرى فلا يحس بحياء وينتف شعره فلا يتألم، لأنه لو أحس بما في الحياة من خير وشر أو نظم متفق عليها، فمعنى هذا أنه لا يزال متعلقا بها خاضعا لمقاييسها، وهذا يبعده عن النجاة. ولما كان أبرز ما في هذا التنظيم هو العرى، والجوع حتى الموت، سميت الجينية دين العرى ودين الانتحار.
العرى والانتحار في الجينية:
وعن فكرة العرى يقول أحد علماء الجينية في محاضرة له عنها (1):
يعيش الرهبان الجينيون عراة، لأن الجينية تقول: ما دام المرء يرى في العرى ما نراه نحن، فإنه لا ينال النجاة، فليس لأحد أن ينال نجاة ما دام يتذكر العار، فعلى المرء أن ينسى ذلك بتاتا ليتمكن من اجتياز بحر الحياة الزاخر، فطالما تذكر الإنسان أنه يوجد خير أو شر، حسن أو قبح. فمعناه أنه لا يزال متعلقا بالدنيا وبما فيها فلا يفوز ب " موشكا " أي النجاة، ويبين هذا خير بيان الحكاية المعروفة عن طرد آدم وحواء من الجنة، فقد كانا يعيشان فيها عاريين بطهر كامل، لا يعرفون هما ولا غما، خيرا ولا شرا، حتى أراد عدوهما الشيطان أن يحرمهما مما كانا فيه من البهجة والسرور والسعادة، فحملهما على أن يأكلا من شجرة العلم بالخير والشر، فأخرجا من الجنة، فالذي حرمهما من الجنة هو علمهما بالخير والشر وبأنهما عاريان (2)، ويرى الجينيون أن الشعور بالحياء يتضمن تصور الإثم، وعلى العكس من ذلك فعدم الشعور