ويعلمون أن الملائكة والروحانيات بأسرها وإن علمت إلى غاية قوة نظرها وإدراكها ما أحاطت بما أحاط به علم الباري تعالى بل لكل منهم مطرح نظر ومسرح فكر ومجال عقل ومنتهى أمل ومطار وهم وخيال وأنهم إلى الحد الذي انتهى نظرهم إليه مستبصرون ومن ذلك الحد إلى ما وراءه مما لا يتناهى مسلمون مصدقون وإنما كمالهم في التسليم لما لا يعلمون والتصديق لما يجهلون * (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) * ليس كمال حالهم بل * (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا) * هو الكمال فمن أين لكم معاشر الصابئة أن الكمال والشرف في العلم والعمل لا في التسليم والتوكل وإذا كانت غاية العلوم هذه الدرجة فجعلت نهاية أقدام الملائكة والروحانيين بداية أقدام السالكين من الأنبياء والمرسلين * (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) * فعالم الروحانيات بالنسبة إليهم شهادة وبالنسبة إلينا غيب وعالم البشر الجسمانيات بالنسبة إلينا شهادة وبالنسبة إليهم غيب والله تعالى هو الذي * (يعلم السر وأخفى) * قالت الحنفاء من علم أنه لا يعلم فقد أحاط بكل العلم ومن اعترف بالعجز عن أداء الشكر فقد أدى كل الشكر قالت الصابئة الروحانيات لهم قوة تصريف الأجسام وتقليب الأجرام والقوة التي لهم ليست من جنس القوى المزاجية حتى يعرض لها كلال ولغوب فتنحسر ولكن القوى الروحانية بالخواص الجسمانية أشبه وإنك لترى الخامة اللطيفة من النبات في بدء نموها تفتق الحجر وتشق الصخر وما ذاك إلا لقوة نباتية فاضت عليها من القوى السماوية ولو كانت هي
(٢٠)