ورأى رجلا عثر فقال له تعثر برجلك خير من أن تعثر بلسانك وسئل ما الكرم فقال النزاهة عن المساوىء وسئل ما الحياة فقال التمسك بأمر الله تعالى وسئل ما النوم فقال النوم موتة خفيفة والموت نومة طويلة وقال ليكن اختيارك من الأشياء حديثها ومن الإخوان أقدمهم وقال أنفع العلم ما أصابته الفكرة وأقله نفعا ما قلته بلسانك وقال ينبغي أن يكون المرء حسن الشكل في صغره وعفيفا عند إدراكه وعدلا في شبابه وذا رأي في كهولته وحافظا للستر عند الفناء حتى لا تلحقه الندامة وقال ينبغي للشاب أن يستعد لشيخوخته مثل ما يستعد الإنسان للشتاء من البرد الذي يهجم عليه وقال يابني احفظ الأمانة تحفظك وصنها حتى تصان وقال جوعوا إلى الحكمة واعطشوا إلى عبادة الله تعالى قبل أن يأتيكم المانع منها وقال لتلامذته لا تكرموا الجاهل فيستخف بكم ولا تتصلوا بالأشرار فتعدوا فيهم ولا تعتمدوا الغنى إن كنتم تلامذة الصدق ولا تهملوا أمر أنفسكم في أيامكم ولياليكم ولا تستخفوا بالمساكين في جميع أوقاتكم وكتب إليه بعض الحكماء يستوصفه أمر عالمي العقل والحس فقال أما عالم العقل فدار ثبات وثواب وأما عالم الحس فدار بوار وغرور وسئل ما فضل علمك على علم غيرك فقال معرفتي بأن علمي قليل وقال أخلاق محمودة وجدتها في الناس إلا أنها إنما توجد في قليل صديق يحب صديقه غائبا كمحبته حاضرا وكريم يكرم الفقراء كما يكرم الأغنياء ومقر بعيوبه إذا ذكرت وذاكر يوم نعيمه في يوم بؤسه ويوم بؤسه في يوم نعيمه وحافظ لسانه عند غضبه وآمر بالمعروف دائما
(١٠٥)