وخلط كلامهم بكلام المعتزلة وانفرد عن أصحابه بمسائل الأولى منها انه زاد على القول بالقدر خيره وشره منها قوله ان الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي وليست هي مقدورة للبارى تعالى خلافا لأصحابه فإنهم قضوا بأنه قادر عليها لكنه لا يفعلها لأنها قبيحة ومذهب النظام ان القبح إذا كان صفة ذاتية للقبيح وهو المانع من الإضافة اليه فعلا ففي تجويز وقوع القبيح منه قبح أيضا فيجب ان يكون مانعا ففاعل العدل لا يوصف بالقدرة على الظلم وزاذ أيضا على هذا الاختباط فقال انما يقدر على فعل ما يعلم ان فيه صلاحا لعباده ولا يقدر على ان يفعل بعباده في الدنيا ما ليس فيه صلاحهم هذا في تعلق قدرته بما يتعلق بأمور الدنيا واما أمور الآخرة فقال لا يوصف لا يوصف الباري تعالى بالقدرة على ان يزيد في عذاب أهل النار شيئا ولا على ان ينقص منه شيئا وكذلك لا ينقص من نعيم أهل الجنة ولا ان يخرج أحدا من أهل الجنة وليس ذلك مقدورا له وقد الزم عليه ان يكون الباري تعالى مطبوعا مجبورا على ما يفعله فان القادر على الحقيقة من يتخير بين الفعل والترك فأجاب ان الذي الزمتونى في القدرة يلزمكم في الفعل فان عندكم يستحيل ان يفعله وان كان مقدورا فلا فرق وانما اخذ هذه المقالة من قدماء الفلاسفة حيث قضوا بان الجواد لا يجوز ان يدخر شيئا لا يفعله فما أبدعه واوجده هو المقدور ولو كان في علمه تعالى ومقدوره ما هو أحسن وأكمل مما أبدعه نظاما وتركيبا وصلاحا لفعله
(٥٤)