" المسألة الثانية فيما يفيد العموم فنقول: العموم إما أن يستفاد من اللفظ لغة أو عرفا أو عقلا.
والذي يفيد العموم لغة: إما أن يفيده لا بنفسه من غير أن يكون معه قرينة تدل عليه، أو يفيده لا بنفسه بل لأجل قرينة ضمت إليه.
والعام بنفسه: إما أن يتناول كل الأشياء سواء كانت من ذوي العلم أو لا، كلفظة أي، فإنها تتناول العالمين وغيرهم في الاستفهام، نحو: أي شئ عندك؟
وفي المجازاة نحو قولك: أي رجل يأتيني فله درهم، وأي ثوب تلبسه يتزين بك أو يتناول بعضها، وحينئذ إما أن يتناول جميع العالمين فقط، مثل من في الاستفهام، نحو: من عندك؟ وفي المجازاة نحو قوله عليه السلام: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذين جاره. أو يتناول جميع غير العالمين فقط، سواء كان زمانا أو مكانا أو غيرهما، نحو لفظة: ما والذي وذا وغيرهما، وقيل: إنه يتناول العالمين أيضا لقوله تعالى: * (والسماء وما بناها) * وحينئذ يكون ما كأي في العموم. أو يتناول بعض غير العالمين كأين ومتى، فإن أين عام في المكان، ومتى عام في الزمان، ولا يتناولان غيرهما.
والعام لقرينة ضمت إليه: إما أن يكون في الإثبات وذلك: إما الجمع المحلى بالألف واللام، سواء كان جمع كثرة نحو قوله تعالى: * (الرجال قوامون على النساء) * أو جمع قلة نحو قوله عليه السلام: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وإما الجمع المضاف، سواء كان جمع كثرة نحو قوله عليه السلام:
أولادنا أكبادنا، وكذا اسم الجنس يكون عاما إذا كان محلى بالألف واللام، نحو قوله تعالى * (يا أيها الناس اعبدوا) * أو مضافا نحو قوله تعالى: * (عن أمره) * " (1).