بمطابقته للاعتبار المناسب على ما يفيده إضافة المصدر. ومعلوم أنه إنما يرتفع بالبلاغة التي هي عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال، فقد علم أن المراد بالاعتبار المناسب ومقتضى الحال واحد، وإلا لما صدق أنه لا يرتفع إلا بالمطابقة للاعتبار المناسب، ولا يرتفع إلا بالمطابقة لمقتضى الحال، فليتأمل " (1).
قال نظام الدين الخطائي في حاشيته على المختصر:
" قوله: على ما يفيده إضافة المصدر، لأنها تفيد الحصر، كما ذكروا في ضربي زيدا قائما، إنه يفيد انحصار جميع الضربات في حال القيام، وفيه تأمل:
لأن إضافة المصدر إنما تفيد العموم، لأن اسم الجنس المضاف من أدوات العموم، والانحصار في المثال المذكور إنما هو من جهة أن العموم فيه يستلزم الحصر، فإنه إذا كان جميع الضربات في حال القيام لم يصح أن يكون ضرب في غير تلك الحال، وإلا لم يكن جميع الضربات في تلك الحال، لامتناع أن يكون ضرب واحد بالشخص في حالتين. وأما فيما نحن فيه فالعموم لا يستلزم الحصر، فإنه لا يلزم من كون المطابقة سببا لجميع الارتفاعات أن لا يحصل الارتفاع بغير المطابقة، لجواز تعدد الأسباب لمسبب واحد، فيجوز حصوله بكل منها. وإنما يلزم الحصر لو دل الكلام على حصر سببية جميع الارتفاعات في المطابقة، وليس فليس.
ويمكن دفعه: بأن ليس معنى الكلام مجرد أن المطابقة سبب لجميع الارتفاعات، بل إن جميعها حاصل بسبب المطابقة، ومعلوم أن ذلك يستلزم الحصر، إذ لو حصل الارتفاع بغير المطابقة لم يصح أن يكون ذلك الارتفاع حاصلا بها، لامتناع تعدد الحصول لشئ واحد ".