منه بالقطع واليقين... لأنه لو كان الحديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة " أو " إلا الأخوة النسبية " أو ما شابهه... لكان صحيحا بلا ريب... كما أن لفظ " إلا النبوة " وارد... كما سبق وسيأتي... ومع ذلك فالاستثناء ب " إلا أنه لا نبي بعدي " استثناء متصل... كما سيتضح عن قريب.
وإليك بعض الشواهد على دلالة صحة الاستثناء على العموم عند الأصوليين... من كلمات بعض أئمتهم:
قال البيضاوي: " ومعيار العموم جواز الاستثناء، فإنه يخرج ما يجب اندراجه لولاه، وإلا لجاز من الجمع المنكر " (1).
وقال الفرغاني العبري بشرحه: " لما بين صيغ العموم على اختلاف مراتبها فيه، شرع في الاستدلال على أنها عامة بوجهين، وجه يشمل الصيغ كلها ووجه يخص بعضها. أما تقرير الوجه العام لجميع الصيغ فهو أن نقول: لو لم يكن كل واحد من هذه الصيغ المذكورة عاما لما جاز عن كل منها استثناء كل فرد منه، لأن الاستثناء عبارة عن إخراج شئ من مدلول اللفظ، يجب اندراجه فيه لولا الاستثناء، فلو لم يكن كل واحد من هذه الصيغ عاما لم يجب اندراج كل فرد فيه بدون الاستثناء، وإذا لم يجب لم يجز الاستثناء، إذ لا حاجة حينئذ إلى الإخراج، لكن جاز الاستثناء في كل فرد من هذه الصيغ اتفاقا، مثلا يصح أن يقال: من دخل داري إلا زيدا فأكرمته، وكذلك في البواقي، فيكون هذه الصيغ عامة وهو المطلوب.
وإنما قلت: إن الاستثناء عبارة عن إخراج ما لولاه لوجب دخوله، لأنه لو لم يكن عبارة عن ذلك لكان عبارة إما عما لولاه لامتنع دخوله فيه، وإنه باطل ضرورة. أو عن إخراج ما لولاه لجاز دخوله فيه وإنه باطل أيضا، إذ لو كان