المجاز الذي ذكرتم فلم يقم عليه دليل، فترجحت الحقيقة عليه...
فثبت أن حمله على المتصل مع الإضمار أولى من حمله على المنقطع... " (1).
رجوع " إلا أنه لا نبي بعدي " إلى الاتصال بوجهين:
إذا عرفت أن الأصل في الاستثناء هو الاتصال وهو الحقيقة فيه، وأنه لا يجوز حمله على الانقطاع إلا عند تعذر الاتصال، فاعلم أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث: " إلا أنه لا نبي بعدي " يرجع إلى الاستثناء المتصل بوجهين:
1 - الأصل فيه: إلا النبوة لأنه لا نبي بعدي الأول: أن نقول إن الأصل في الحديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة لأنه لا نبي بعدي " فحذف لفظ " النبوة " الذي هو المستثنى في الحقيقة وقامت العلة مقام المعلول... كما حذف لفظ " القيمة " في الأمثلة المتقدمة في كلمات الأئمة، وأقيم لفظ " ثوبا " أو " شاة " أو " كرا " مقامه.
والوجه في حذف لفظ " النبوة " هو: إيثار الإيجاز، ولا يخفى حسن الإيجاز على العارف بأساليب الكلام والماهر في علم المعاني:
قال السكاكي: " والعلم في الإيجاز قوله علت كلمته: * (في القصاص حياة) * وإصابته المحز بفضله على ما كان عندهم أوجز كلام في هذا المعنى، وذلك قولهم: القتل أنفى للقتل. ومن الإيجاز قوله تعالى * (هدى للمتقين) * ذهابا إلى أن المعنى: هدى للضالين الصائرين إلى التقوى بعد الضلال، لما أن