المراد من المنازل الفضائل النفسانية (5) إن المراد من المنازل التي أثبتها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهارون عليه السلام، هي الفضائل النفسانية والمقامات المعنوية... فإن عليها - لا على غيرها - مدار التفضيل والتقديم، وبها يحصل القرب عند الله والثواب منه... وهي الملاك والمناط في الاصطفاء للنبوة والخلافة والإمامة... وهي الصفات المختصة بأهل الإيمان، ولاحظ لأهل الكفر بشئ منها...
وأما الاخوة النسبية، والأكبرية في السن، والأفصحية في اللسان، وأمثالها - وإن كانت فضائل - فلا تقتضي التقدم والترجيح، وليست المعيار في الاصطفاء للنبوة والإمامة...
وإن هذا المطلب الذي ذكرناه من الوضوح بمكان... وهو المتبادر من الأحاديث والأخبار الواردة في هذا الشأن... وقد تعرض له والد (الدهلوي) وشرحه، وأقام عليه الدليل والبرهان... في كتابه (إزالة الخفا) فراجعه (1).
وهذا الموضع أيضا من المواضع التي خالف فيها (الدهلوي) أباه...
على ضوء ما قاله علماء الأدب في أحكام الاستثناء (6) وإنه يندفع التمسك بانتفاء الأخوة والأكبرية والأفصحية... لإثبات انقطاع الاستثناء في الحديث الشريف... بما قرره المحققون من النحاة وعلماء البلاغة والأصول من أحكام الاستثناء... ونحن نستشهد هنا ببعض الكلمات، ونبين وجه اندفاع تلك التمسكات:
قال ابن الحاجب بشرح قول الزمخشري: " وإذا قلت: ما مررت بأحد إلا