أورده محمد لشهرتها. ولفظ التقويم: ونحن سكتنا عنها اختصارا واكتفاء بما فعل الناس.
قوله: وأجمعت الأمة على كذا. أي الإجماع منهم في هذه الصور على القبول يدل على ثبوت الحكم في المتنازع فيه. وبيانه: إن الإجماع قد انعقد منهم على قبول خبر الواحد في المعاملات، فإن العقود كلها بنيت على أخبار الآحاد، مع أنه قد يترتب على خبر الواحد في المعاملات ما هو حق الله تعالى كما في الإخبار بطهارة الماء ونجاسته، والإخبار بأن هذا الشئ أو هذه الجارية أهدى إليك فلان، وأن فلانا وكلني ببيع هذه الجارية، أو بيع هذا الشئ. وأجمعوا أيضا على قبول شهادة من لا يقع العلم بقوله، مع أنها قد يكون في إباحة دم وإقامة حد واستباحة فرج، وعلى قبول قول المفتي للمستفتي مع أنه قد يجيب بما بلغه عن الرسول عليه التحية والسلام بطريق الآحاد، فإذا جاز القبول فيما ذكرنا من أمر الدين والدنيا جاز في سائر المواضع.
فإن قيل: الفرق بين المحلين ثابت، فإن في بعض المعاملات قد يقبل خبر من يسكن القلب إلى صدقه من صبي وفاسق بل كافر، ولا يقبل خبر هؤلاء في أخبار الدين، فكيف يحتج بهذا الفصل مع وقوع الفرق بينهما؟ قلنا: محل الاستدلال هو استعمال قول من لا يؤمن الغلط عليه ووقوع الكذب منه وهو موجود في الأمرين، وإن كان أحدهما يتساهل فيه ما لا يتساهل في الآخر، وإنما يراعى في الجمع والفرق الوصف الذي يتعلق به الحكم دون ما عداه. وما ذكروا من الفرق بين المعاملات وأخبار الدين ليس بصحيح، لأن الضرورة متحققة في الأخبار كتحققها في المعاملات، لأن المتواتر لا يوجد في كل حادثة ولو رد خبر الواحد بشبهة في النقل لتعطلت الأحكام، فأسقطنا اعتبارها في حق العمل كما في القياس والشهادة.
وأما الجواب عن تمسكهم بالآيتين فنقول: لا نسلم أن المراد منهما المنع عن اتباع الظن مطلقا، بل المراد المنع من اتباعه فيما المطلوب منه العلم اليقين من