أعلى وأرفع منها بمراتب لا تعد ولا تحصى، علوا معنويا حقيقيا، وبالنظر إلى المعاني المقصودة من الباب والآثار المترتبة على وجوده، اعترف أكابر علماء أهل السنة بالأعلمية المطلقة لأمير المؤمنين عليه السلام، بسبب كونه باب مدينة العلم وأثبتوا له فضائل عظيمة وخصائص جليلة كلها مستنبطة من حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
فظهر أن العلو الحقيقي المعنوي ثابت للباب، لا للأساس المرفوض الموهوم والحيطان والسقف المهدوم المعدوم، فالأعلمية المطلقة ثابتة له عليه السلام على كلا التقديرين المذكورين في " العلو "، وإنكار ابن حجر المكي هذا المعنى لا أساس له، وذلك منه عجيب جدا، وقد اعترف هو في (المنح المكية) وفي (تطهير الجنان) بما ذكرناه... وقد تقدمت عبارته في الكتابين.
رأي ابن حجر في تأويل " علي " ثم إن ابن حجر تعرض في (الصواعق) إلى تأويل " علي " في الحديث الشريف قائلا: " وشذ بعضهم فأجاب بأن معنى: وعلي بابها. أي من العلو، على حد قراءة: هذا صراط علي مستقيم، برفع علي وتنوينه كما قرأ به يعقوب، فعبر عن هذا التأويل ب " الشذوذ " ولم يصرح ببطلانه وسخافته، وقد تقدم منا الجواب على هذا التأويل في جواب كلام الأعور، فراجع.
أما في (المنح المكية) فقد رد على هذا التأويل وأجاد بقوله: " واحتج بعض من لا تحقيق عنده علي الشيعة، بأن " علي " اسم فاعل من العلو، أي عال بابها فلا ينال لكل أحد، وهو بالسفساف أشبه، لا سيما في رواية رواها ابن عبد البر في استيعابه: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه، إذ مع تحديق النظر في هذه الرواية لا يبقى تردد في بطلان ذلك الرأي، فاستفده بهذا ".