بين كتفيه فأسلم. فقبل النبي صلى الله عليه وسلم قوله في الصدقة والهدية، مع أنه كان عبدا حينئذ.
وذلك أي قبول خبر الواحد منه كثير، فإنه قبل خبر أم سلمى في الهدايا أيضا. وكانت الملوك يهدون إليه على أيدي الرسل وكان يقبل قولهم، ولا شك أن الاهداء منهم لم يكن على أيدي قوم لا يتصور تواطؤهم على الكذب. وكان يجيب دعوة المملوك ويعتمد على خبره أني مأذون. وقبل شهادة الأعرابي في الهلال، وقبل خبر الوليد بن عقبة حين بعثه ساعيا إلى قوم فأخبر أنهم ارتدوا حتى أجمع النبي صلى الله عليه وسلم على غزوهم فنزل قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق) الآية.
وكان يقبل أخبار الجواسيس والعيون المبعوثة إلى أرض العدو.
ومشهور عنه أي قد اشتهر واستفاض بطريق التواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث الأفراد إلى الآفاق لتبليغ الرسالة وتعليم الأحكام، فإنه بعث عليا رضي الله عنه إلى اليمن أميرا، وبعده بعث معاذا أيضا إلى اليمن أميرا لتعليم الأحكام والشرائع، وبعث دحية بن خليفة الكلبي بكتابه إلى قيصر وهرقل بالروم، وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة أميرا معلما للشرائع، وبعث عبد الله بن حذافة السهمي بكتابه إلى كسرى، وعمرو بن أمية الضمري إلى الحبشة، وعثمان ابن أبي العاص إلى الطائف وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، وشجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني بدمشق، وسليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن خليفة باليمامة، وأنفذ عثمان بن عفان إلى أهل مكة عام الحديبية، وولى على الصدقات عمر، وقيس بن عاصم، ومالك بن نويرة، والزبرقان بن بدر، وزيد بن حارثة، وعمرو بن العاص، وعمرو ابن حزم، وأسامة بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبا عبيدة بن الجراح، وغيرهم ممن يطول ذكرهم. وإنما بعث هؤلاء ليدعوا إلى دينه وليقيموا الحجة، ولم يذكر في موضع ما أنه بعث في وجه واحد عددا يبلغون حد التواتر وقد ثبت باتفاق أهل السير أنه كان يلزمهم قبول قول رسله وسعاته وحكامه، وإن احتاج في كل رسالة