2 - سقوط التمسك بقدح ابن الجوزي وأما تمسك ابن تيمية بقدح ابن الجوزي في حديث مدينة العلم، فقد تقدم الجواب عنه في ضمن رد كلام (الدهلوي)، بحيث يذعن كل منصف بصحة ما ذكرناه إذا وقف عليه، ولو تظاهر عظماء العلماء لما تمكنوا من إنكاره وجحده، وكيف لا؟ وقد نص المحققون من أهل السنة على تجاسر ابن الجوزي وتهوره في الحكم على الأحاديث مطلقا، وأن جماعة منهم ردوا كلامه في خصوص حديث مدينة العلم.
إذن، لا يجوز الاعتماد على كلام من اشتهر بين علماء أهل السنة وحفاظهم بهذه الصفة، وعلى هذا الأساس أعرضوا عن كلماته في الأحاديث، أو توقفوا عن قبولها، وقد بلغ سقوط تقولاته في خصوص هذا الحديث إلى حد انبرى جماعة من أعلام المحققين للرد عليه وبيان فساده وبطلانه، إلا أن ابن تيمية لا يستحي من التمسك بكلام ابن الجوزي الباطل، و " إذا لم تستح فاصنع ما شئت ".
ونحن كما فندنا كلام ابن تيمية بالنسبة إلى حديث مدينة العلم بكلام نفسه، نثبت بطلان كلام ابن الجوزي الذي تمسك به ابن تيمية في رد هذا الحديث مزيدا للإفحام والإلزام، وذلك أن ابن الجوزي يقول في كتابه (الموضوعات): " فمتى رأيت حديثا خارجا عن دواوين الإسلام، كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، ونحوها، فانظر فيه، فإن كان له نظير في الصحاح والحسان فرتب أمره، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول فتأمل رجال إسناده، واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمى بالضعفاء والمتروكين، فإنك تعرف وجه القدح فيه " (1).
ففي هذا الكلام اعتراف بكون (كتاب الترمذي) من دواوين الإسلام،