عن أكثر الناس، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة.
وإذا قالوا: ذلك الواحد معصوم يحصل العلم بخبره.
قيل لهم: فلا بد من العلم بعصمة أولا، وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن تعلم عصمته فإنه دور، ولا تثبت بالإجماع فإنه لا إجماع فيها، وعند الإمامية إنما يكون الإجماع حجة لأنه فيهم الإمام المعصوم، فيعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه، فعلم أن عصمته لو كانت حقا لا بد أن تعلم بطريق آخر غير خبره، فلو لم يكن لمدينة العلم باب إلا هو لم يثبت لا عصمته ولا غير ذلك من أمور الدين.
فعلم أن هذا الحديث إنما افتراه زنديق جاهل ظنه مدحا، وهو يطرق الزنادقة إلى القدح في دين الإسلام، إذ لم يبلغه إلا واحد.
ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فإن جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي:
أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهما [فيهم] ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئا قليلا، وإنما كان غالب علمه في الكوفة، ومع هذا فأهل الكوفة كانوا تعلموا القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان فضلا عن علي. وفقهاء أهل المدينة تعلموا الدين في خلافة عمر، وتعليم معاذ بن جبل لأهل اليمن ومقامه فيهم أكثر من علي، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل أكثر مما رووا عن علي، وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ ابن جبل، ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضيا، وهو وعبيدة السلماني تفقها على غيره، فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم علي الكوفة " (1).
1 - بطلان دعوى ضعف الحديث نقول: دعوى أن حديث مدينة العلم أضعف وأوهى، ولهذا إنما يعد في