وقد عرفت سابقا عن ابن عساكر في تاريخه أن هذا الحديث وضعه إسماعيل الأسترآبادي، ولما سئل عن سنده عجز حتى عن اختلاق سند له...
وكيف كان، فما ذكرناه عن السخاوي في شأن هذا الحديث كاف لإبطال احتجاج ابن حجر به في هذا المقام... ومن الغريب أن الشيخ عبد الحق الدهلوي نقل في (اللمعات في شرح المشكاة) عبارة السخاوي هذه مبتورة منقوصة... فلا حظ.
ابن حجر نفسه وهذا الحديث والثالث: إن ابن حجر نفسه يضعف هذا الحديث، فقد جاء في كتاب (الفتاوي الحديثية): " وسئل رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها. هل الحديث صحيح أم لا؟ فأجاب: الحديث رواه صاحب مسند الفردوس، وتبعه ابنه بلا إسناد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا، وهو حديث ضعيف كحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها، فهو ضعيف أيضا ".
ألا يظن ابن حجر أنه مؤاخذ بهذا التناقض والتهافت؟
البدخشاني وهذا الحديث والرابع: إنه قد أنصف العلامة البدخشاني، حيث صرح بكونه موضوعا، ونص على الغرض الواقعي من وضعه، فقال: " أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها لا تقولوا في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إلا خيرا. فر بلا إسناد عن ابن مسعود. وهو منكر جدا وأظنه موضوعا، وإنما وضعه من وضعه ليقابل به حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها. وسيأتي " (1).