من إظهار ذلك الدليل والاستبشار بسبب الظفر والعجب من ذهاب ذلك عليهم، فإن جاز في الواحد أن لا يظهر له ذلك لم يجز ذلك في الكل. وأما الدين:
فلأن سكوتهم عن ذكر ذلك الدليل وعملهم عند الخبر بموجبه يوهم أنهم عملوا لأجله كما يدل عملهم بموجب آية سمعوها على أنهم عملوا لأجلها. وإيهام الباطل غير جائز " (1).
وقال عضد الدين الإيجي بشرح مختصر ابن الحاجب: " قد ثبت جواز التعبد بخبر الواحد وهو واقع، بمعنى أنه يجب العمل بخبر الواحد، وقد أنكره القاشاني والرافضة وابن داود. والقائلون بالوقوع قد اختلفوا في طريق إثباته، والجمهور على أنه يجب بدليل السمع، وقال أحمد والقفال وابن سريج وأبو الحسين البصري بدليل العقل.
لنا: إجماع الصحابة والتابعين، بدليل ما نقل عنهم من الاستدلال بخبر الواحد وعملهم به في الوقائع المختلفة التي لا تكاد تحصى، وقد تكرر ذلك مرة بعد أخرى وشاع وذاع بينهم، ولم ينكر عليهم أحد وإلا نقل، وذلك يوجب العلم العادي باتفاقهم كالقول الصريح، وإن كان احتمال غيره قائما في واحد.
فمن ذلك: عمل أبو بكر بخبر المغيرة في ميراث الجدة، وعمل عمر بخبر عبد الرحمن في جزية المجوس، وبخبر حمل بن مالك في وجوب الغرة بالجنين، وبخبر الضحاك في ميراث الزوجة من دية الزوج، وبخبر عمرو بن حزم في دية الأصابع. وعمل عثمان وعلي بخبر فريعة في أن عدة الوفاة في منزل الزوج، وعمل ابن عباس بخبر أبي سعيد بالربا في النقد، وعمل الصحابة بخبر أبي بكر: الأئمة من قريش، والأنبياء يدفنون حيث يموتون، ونحن معاشر الأنبياء لا نورث. إلى غير ذلك مما لا يجدي استيعاب النظر فيه إلا التطويل، وموضعه كتب السير.
وقد اعترض عليه بوجوه، الأول: قولهم: لا نسلم أن العمل في هذه