واقع حال أبي بكر لا يناسب تلك النسبة الخامس: وعلى فرض تسليم نسبة " المحراب " إلى " المدينة " بأحد معانيه فلا يتم جملة " وأبو بكر محرابها " في حديث مدينة العلم، إذ يلزم على تقدير الانتساب أن يكون للمحراب حظ وافر من علوم المدينة، بل يزعم ابن حجر كون " المحراب " أعلم من " الباب "، ولكن النظر في حال أبي بكر ومراجعة أخباره وسيرته تكذب هذه النسبة، فقد كان أبو بكر جاهلا حتى بالنسبة إلى أبسط الأمور وأوضح المفاهيم، وما أكثر ما أعلن بنفسه عن جهله بالأحكام الشرعية وعلم القرآن، وما أكثر موارد عجزه عن حل المشكلات والمعضلات الواردة عليه...
كما ستقف على تفاصيل ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى... فلا أظن أن يصر أحد من المسلمين - مع هذه الحال - على صحة هذه الزيادة الموضوعة، بل إن ذلك يمس بكرامة النبي صلى الله عليه وآله ويشين بمقامه... كما لا يخفى على ذوي الأفهام.
الفروق بين " الباب " و " المحراب " السادس: - سلمنا... لكن هذه الزيادة لا تفيد أعلمية أبي بكر من أمير المؤمنين بوجه من الوجوه... فأي دليل وبرهان على رجحان " المحراب " على " الباب "؟ ومن ادعى فعليه البيان.
بل الأمر على العكس من ذلك، فإن للباب مزايا خاصة هي غير حاصلة للمحراب، وذلك:
أولا: إنه لا بد للمدينة من باب، بخلاف المحراب فلا يلزم وجوده فيها، من هنا قال المناوي بشرح حديث " أنا مدينة العلم ": " فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلها، ولا بد للمدينة من باب، فأخبر أن بابها هو علي كرم الله وجهه ".