البياض في سواد. قال قلت: فما الكوز مجنحيا؟ قال: منكوسا " (1).
وفي هذا السياق: " إن بينك وبينها بابا مغلقا " فالباب غير عمر... ولا تخفى وجوه الفرق الأخرى بين هذا السياق والسياق الذي ذكره الأورنقابادي.
وكيف كان، فلا دلالة في هذا الحديث على معنى يصلح لأن يذكر في مقابلة حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
دعوى دلالة حديث المدينة على عدم تملك بيت النبوة شيئا من المال والتاسع: وزعم الأورنقابادي كون حديث " أنا مدينة العلم " إشارة وإيماء إلى أن بيت النبوة خال من جميع الأموال إلا العلم، ثم استشهد لذلك بما رووا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الأنبياء لم يورثوا...
فنقول: أولا: لا ذكر في حديث المدينة لبيت النبوة ولا سيما بالمعنى الذي توهمه... وثانيا: الإشارة المذكورة ممنوعة، أفهل يجوز القول بخلو بيت النبوة من متاع الصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد... ومن متاع الزهد والورع والتقوى والشجاعة والعدالة وحسن الخلق... وما سواها من الخصال الحميدة؟ نعم يدل الحديث على انحصار أخذ العلم من باب مدينة العلم دلالة ظاهرة أظهر من الشمس وأبين من الأمس، ولكن هذا الانحصار يأتي على مذهب الأورنقابادي بالدمار. وثالثا: لو سلمنا كون الحديث إشارة إلى انحصار متاع البيت في " العلم " فغاية ذلك هو: أن متاع بيت النبوة في بيت النبوة من حيث أنه بيت النبوة هو " العلم " وأن الأموال لا يعتنى إليها فيه، لا أن النبي صلى الله عليه وآله - وهو صاحب بيت النبوة - لم يكن يملك شيئا من الأموال، كما هو مزعوم جمع من المتصوفين، وإليه يميل كلام الأورنقابادي المهين.
وأما حديث: إن الأنبياء... " فلا يدل على الفقر بالمعنى الذي يتوهمه