بسم الله الرحمن الرحيم قال شيخنا الإمام العالم العلامة حافظ العصر ومجتهد الوقت وفريد الدهر، إنسان عين الزمان حافظ العصر والأوان، الجلال السيوطي، أعاد الله تعالى علينا وعلى سائر المسلمين من بركاته وتوجهاته وتهجداته وأوراده في الدنيا والآخرة.
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى: هذا جزء سميته إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب، لأن قوما خفي عليهم كون المحراب في المسجد بدعة، وظنوا أنه كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في زمنه، ولم يكن في زمانه قط محراب ولا في زمان الخلفاء الأربعة فمن بعدهم إلى آخر المائة الأولى، وإنما حدث في أول المائة الثانية، مع ورود الحديث بالنهي عن اتخاذه، وأنه من شأن الكنائس، وأن اتخاذه في المسجد من أشراط الساعة:
قال البيهقي في السنن الكبرى باب في كيفية بناء المساجد: أخبرنا أبو نصر ابن قتادة، أنا أبو الحسن محمد بن الحسن البراج، نبأ مطين نبأ سهل بن زنجلة الرازي نبأ أبو زهير عبد الرحمن بن مغرا، عن ابن أبجر عن نعيم بن أبي هند عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب.
هذا حديث ثابت. فإن سالم بن أبي الجعد من رجال الصحيحين بل الأئمة الستة، ونعيم بن أبي هند من رجال مسلم، وابن أبجر اسمه عبد الملك بن سعيد من رجال مسلم أيضا، وأبو زهير عبد الرحمن بن مغرا من رجال الأربعة قال الذهبي في الكاشف: وثقه أبو زرعة الرازي وغيره ولينه ابن عدي. وقال في الميزان: ما به بأس. وقال في المغني: صدوق. فالحديث على رأي أبي زرعة ومتابعيه صحيح، وعلى رأي ابن عدي حسن. والحسن إذا ورد من طريق ثان ارتقى إلى درجة الصحيح، وهذا له طرق أخرى تأتي، فيصير المتن صحيحا من قسم الصحيح لغيره، وهو أحد قسمي الصحيح. ولهذا احتج به البيهقي في الباب مشيرا إلى كراهة اتخاذ المحاريب. والبيهقي مع كونه من كبار الحفاظ فهو