البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا ".
أقول: وهذا القدر كاف في رد ما ادعاه ابن تيمية، وجميع ما بناه على هذا الكلام، ولكن لما كانت عبارته مشتملة على أكاذيب أخرى، فنحن مضطرون إلى التنبيه على مواضع كذبه بالتفصيل. قال ابن تيمية: " أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهما [فيهم] ظاهر. وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئا قليلا ".
قلت: هذه دعوى بلا دليل، على أنه من الممكن بلوغ علم الرسول إليهم عن علي عليه السلام ولكنهم لم يرووه عن لعداوتهم له، أو رووا ولكن سلاطين الجور وأمراء الفسق - الذين كانوا يمنعون من ذكر مجرد اسمه - حالوا دون انتشار تلك الروايات، على أن قلة الرواية - لو سلمنا كونها كاشفة عن قلة الأخذ - لا تنافي كون الإمام عليه السلام باب مدينة العلم، وإنما تكشف عن إعراض هؤلاء عن باب مدينة العلم. وذلك عليك وعليهم، لو كانت تعقل ويعقلون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون المدينة المنورة ثم نقول: أما المدينة المنورة فقد قضى عليه الصلاة والسلام فيها الشطر الأعظم من حياته المباركة، وكان الرجوع إليه فيها في جميع المشكلات، لمن تصدى أمر الخلافة وغيرهم من الأصحاب، وهذا مما لا ريب فيه لأحد ولا نزاع، بل اعترف وأقر به جمع من العلماء الأعيان:
قال النووي: " وسؤال كبار الصحابة له، ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات، مشهور " (1).
وقال ابن روز بهان: " رجوع الصحابة إليه في الفتوى غير بعيد، لأنه كان