لو سلمنا انعقاده فحديث مدينة العلم وغيره يبطله والثاني: وعلى فرض انعقاد هذا الإجماع، فإن حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وغيره من أحاديث مناقب أمير المؤمنين عليه السلام، الدالة على أفضليته تبطل هذا الإجماع، وتسقطه عن الاعتبار، لأن الإجماع القائم على خلاف النص لا اعتبار به ولا يصغى إليه.
عدم صحة معنى حديث ابن عمر في المفاضلة والثالث: إن الاستدلال بحديث ابن عمر من قبيل استشهاد ابن آوى بذنبه، فمن هو ابن عمر وأي وزن لكلامه في مثل هذه الأمور؟ على أنه رجل مقدوح مطعون فيه، كما لا يخفى على من يراجع كتاب (استقصاء الافحام في رد منتهى الكلام). ومع ذلك كله فقد نص الحافظ ابن عبد البر على أنه لا يصح معناه حيث قال ما نصه: " قال أبو عمر: من قال بحديث ابن عمر: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت. يعني فلا نفاضل. وهو الذي أنكر ابن معين، وتكلم فيه بكلام غليظ، لأن القائل بذلك قد قال خلاف ما اجتمع عليه السنة من السلف والخلف، من أهل الفقه والآثار، أن عليا كرم الله وجهه أفضل الناس بعد عثمان، هذا مما لا يختلفوا فيه، وإنما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان. واختلف السلف أيضا في تفضيل علي رضي الله عنه وأبي بكر رضي الله عنه. وفي إجماع الجميع الذين وصفناه دليل على أن حديث ابن عمر وهم وغلط، وأنه لا يصح معناه وإن كان إسناده صحيحا، ويلزم من قال به أن يقول بحديث جابر وحديث أبي سعيد: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم لا يقولون بذلك، فقد ناقضوا. وبالله التوفيق " (1).