صلى الله عليه وآله بتبليغه إلى جميع الناس، فالعلوم الأخرى منحصرة إلى فهمه عليه السلام بالأولوية القطعية.
دعوى تخصيص كونه بابا لغير الصحابة الثالث: دعوى تخصيص كون الإمام عليه السلام باب العلوم إلى جماعة لم يدركوا شرف الصحبة، هذه الدعوى التي ذكرها بقوله: " والمراد من الحديث المذكور - والله أعلم - بيان أن عليا باب العلوم الشرعية... " تخرص باطل، فإنه تخصيص بلا مخصص، ويبطله اعتراف أصحاب الشورى - فيما رواه المحدث الشيرازي في (روضة الأحباب) بأن حديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " جاء ليعلم الصحابة بأن عليا باب مدينة علم الأولين والآخرين، فكيف تختص بابيته بجماعة لم يدركوا شرف الصحبة؟ بل لو كان معنى الحديث ما ذكره البنباني لما احتج به الإمام عليه السلام - فيما احتج به - على أصحاب الشورى، ولما اعترف القوم بما أراد الإمام من الاحتجاج به.
ومما يبطل هذا المعنى الذي ذكره البنباني إقرار الأصحاب بأعلمية الإمام عليه السلام، فهذا ابن عباس يقول - فيما يرويه الشيخاني القادري في (الصراط السوي) -: " من أتى العلم فليأت الباب وهو علي رضي الله عنه "، وهذا عمرو ابن العاص يحتج بهذا الحديث على معاوية في كتاب له إليه - فيما رواه الخوارزمي في (المناقب) ويقول: " وأكد القول عليك وعلى جميع المسلمين وقال: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، وقد قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
ومن هنا ترى الحافظ الزرندي يقول في عنوان الحديث: " فضيلة أخرى اعترف بها الأصحاب وابتهجوا، وسلكوا طريق الوفاق وانتهجوا - عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت عليا ".