تركيب أعضائه من العظام واللحم والشحم والمخ والعصب والعروق والغضاريف، فإذا خرج إلى العالم تراه كيف ينمي بجميع أعضائه، وهو ثابت على شكل وهيئة لا تتزايد ولا تنقص، إلى أن يبلغ أشده، إن مد في عمره أو يستوفي مدته قبل ذلك، هل هذا إلا من لطيف التدبير والحكمة؟ (1) 3555. عنه (عليه السلام): إن الله - تبارك وتعالى - إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كل صورة بينه وبين آدم، ثم خلقه على صورة إحداهن، فلا يقولن أحد لولده هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي. (2) 3556. عنه (عليه السلام) - للمفضل بن عمر -: نبتدئ - يا مفضل - بذكر خلق الإنسان فاعتبر به؛ فأول ذلك ما يدبر به الجنين في الرحم، وهو محجوب في ظلمات ثلاث:
ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى، ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة؛ فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات، فلا يزال ذلك غذاؤه حتى إذا كمل خلقه، واستحكم بدنه، وقوي أديمه على مباشرة الهواء، وبصره على ملاقاة الضياء، هاج الطلق بأمه فأزعجه أشد إزعاج وأعنقه حتى يولد، وإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثدييها، فانقلب الطعم واللون إلى ضرب آخر من الغذاء، وهو أشد موافقة للمولود من الدم، فيوافيه في وقت حاجته إليه، فحين يولد قد تلمظ وحرك شفتيه طلبا للرضاع فهو يجد ثديي أمه كالإداوتين (3) المعلقتين لحاجته إليه، فلا يزال