لعل من أكثر المشاكل الإسلامية إثارة في حياتنا الفكرية والمذهبية هي مشكلة الأفكار المسبقة التي يحملها فريق عن فريق، فيما يعتقده من عقيدة وفيما يتحرك فيه من فكر، وفيما يقدسه من مقدسات.
وتتحرك هذه القناعات غير العلمية.. لتترك آثارها ونتائجها السلبية على الحياة العلمية العامة للمسلمين، فتثير مزيدا من الشحناء، وتخلف كثيرا من الفقه..
وتحول الساحة إلى علامات استفهام كثيرة، تثير الشك والتساؤل ولا تحاول أن تبحث من خلال ذلك عن جواب..
وقد يثار الحوار في بعض الحالات، فيما يكتسب من أبحاث، وفيما يثار من مناقشات، وقد تقترب الحقيقة من أفكار المتجاورين لتفسح المجال لقناعات جديدة تقرب الأفكار والمشاعر والعقائد.. ولكن الروحية التي تحكم خلفيات الحوار تقف حاجزا أمام ذلك كله فيتحول الحوار.. إلى جدل عقيم يلف ويدور لينتهي إلى الأجواء التي تعيش في إطار الألفاظ النابية والكلمات المثيرة التي تحرك مشاعر الحقد بعيدا عن قناعات الفكر السليم ولهذا فإنك تشعر وأنت تقرأ الكثير من هذا التراث الكلامي أنك تواجه الأفكار المسبقة التي تطرح الفكرة كقناعة ثابتة... ثم تبدأ عملية البحث عن الأسس الفكرية لهذه القناعة..
ولكن هذا لا يمنعنا من أن نشير إلى كثير من التجارب الجديدة التي تحكمها الموضوعية في الفكر وفي الأسلوب في تاريخنا البعيد والقريب فيما قام به علماء الإسلام في قضايا الحوار المذهبي الإسلامي.
وقد يكون للأجواء الهادئة التي ابتعدت عن العوامل المثيرة للأحقاد في نطاق الواقع، وفي حركة السياسة.. بعض الفضل لولادة مثل هذه التجارب الموضوعية ونجاحها.