على المنبر بعد أن قبض على قيادة الحكم وكبل أبطال المسلمين وشل قواهم وأبكمهم وأقصاهم، وحبس الأبدان، وألجم الأفواه، خوفا من أن ينبس منهم رجل، أو يظهر حراكا أو قولا دون إذن الخليفة.
نعم يصعد منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودونه عظماء الصحابة وزوجات الرسول (صلى الله عليه وآله)، وإذا به يصرخ دون أن يأبه أو يخشى أو يحذر قائلا بكل جرأة ودون دليل وبرهان: " متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا وأنا محرمهما ومعاقب عليهما " فلم يجد أمامه من يستطيع أن يرده أو ينبس ببنت شفة، سوى إحدى زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، تلك الطيبة الطاهرة " أم سلمة " قائلة: يا عمر! لا تقل ومعاقب عليهما، بل قل: ومعاقب عليهما.
وخير الكلام ما قل ودل، بيد أن الخليفة لم يعرها أهمية بل استمر على منعه حتى منع نص الكتاب وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله) في حياته وبعد حياته، رغم اعترافه هو أنها كانت حلالا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ولم يكتف بهذا وحسب بل ظل يخالف النصوص الواحدة تلو الأخرى، ومن قبل قد أوقف هو وصاحبه سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقضى على المعارف الإسلامية بمنع تدوينها لمحو حقيقتها وأثرها لأسباب عدة:
أولها: إن فيها ما يمنع تسنمه وصاحبه كرسي الخلافة.
وثانيها: أنهما لا يعرفان أكثر السنن، ولا توافق طبيعة اجتهادهما، وتكون أكبر عائق في إدارتهما هما ومن يريدان وضعه من الولاة ويسندا إليه من الأعمال.
وثالثها: إنها تشرح نصوص الكتاب، ويريدان العمل دون قيودها.
ولهذا منعا تدوينها، وأن هناك نصوصا صريحة قولا، وأخرى عمل بها المسلمون مثل المتعتين، بيد أن عمر بلغ من القدرة مبلغا لم يأبه بعدها أبدا على وقف نص أو سنة، وربما كانت هذه منه تجربة وجس نبض الأمة، حتى إذا لم يجد