والبهائم تتبع رب الدار من أب وزوج، لا حول لها ولا قوة، هذا إلى أنها كانت حقيرة وليس لها دور يذكر إلا في خدمة الرجل واستمتاعه، ضعيفة، مهانة، لا شأن لها.
ولم تحصل على مكانتها في العالم وحظها الوافر إلا في ظل الدين الإسلامي الذي حفظ شأنها وساواها حينا بالرجال، بل نجدها في الغالب لها الحظ الأوفر حينما يقول (صلى الله عليه وآله): " الجنة تحت أقدام الأمهات "، ولا يكلفها بحرب ولا نفقة، وليس للرجل أن يفرض عليها أي فرض، حتى ولا إجبارها على إرضاع طفله، ولا القيام بخدمة قهرا.
هناك في عهد الإسلام ظهر كيانها وصلح شأنها، وأصبحت زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمهات المؤمنين، وهذه أعظم مكانة حصلت عليها عائشة، وأصبح لأبي بكر مكانة غير الصحابة، مكانة كأب لزوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورغم كل ذلك فلم يعط لعائشة الحق في أن تدخل وتعد نفسها من أهل بيت الرسالة، ولم يسعدها الحظ أبدا أن تلد لزوجها وليدا يقربها هي ويكون لأبي بكر صلة الرحم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى أعلن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد نزول الآيات الكثيرة:
أخص منها آية الطهارة، الآية (33) من سورة الأحزاب: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
وآية المباهلة، الآية (61) من سورة آل عمران: * (فقل تعالوا ندعوا أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) *.
وأعلن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآيتين وغيرهما أن أهل البيت المعنيين بالآيات (إنما هم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين)، ولكن لم يمنع هذا أبا بكر من أن يدخل بيت عائشة كأبي زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن يتصل بابنته دون غيره من