ظالما كافرا بعد إيمانك فاسقا مناصرا لمعاوية والقاسطين، ومسلطا لهم بنصرتك تلك السلطة على رقاب المسلمين.
وها أنت تقف اليوم ذليلا أمام محكمة العدل الإلهية تشهد عليك جوارحك على كل صغيرة وكبيرة جنيتها وأفرطت بها فأجب ودافع عن نفسك.
الجواب:
سكوت، وتنطق جوارحه: كنت منذ بدء إيماني تابعا لابن عمي أبي بكر وحزبه، وجدت العزة في إسلامي إذ لم أكن بين قريش مرموقا، ووجدت في محمد ظفرا وفي سيرته عبرا، ولكلامه علي أثرا، فانحزت إليه بيد كنت أحسد عليا في سبقه وقربه من رسول الله وحظوته منه في السلم والحرب، وما خصه به من المكانة بيننا وزادني على ذلك مر الزمان كلما زادت فضائله وظهرت مكارمه وهفت له القلوب وأدناه رسول الله وأولاه وصيته وخلافته وخصه بأخوته وزوجه ابنته وجعله أبا عترته، وزادني أقراني له عداء كلما تناجينا فيما بيننا حتى كنت ممن وضعه تحت إمرة أسامة واختص نفسه بعلي.
فكدنا نجاهر بالعصيان حتى خطبنا محمد ولعن من تخلف، وكنت كجماعة من المهاجرين فيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والزبير ناقمين، ورغم اللعن تخلفنا عن الجيش آثمين وتابعنا عمر يوم مانع من طلب رسول الله للدواة والبياض، كمخاصمين.
وبعد وفاته، غصبوا الخلافة في السقيفة فتابعت أثر ابن عمي أبي بكر تحرضني ابنة عمي عائشة، وعندها تنفست الصعداء، فقد آن الأوان أن أشمخ على علي ولا أعيره تلك الأهمية، وافترقنا آنذاك في السيرة والرؤية والبصيرة نوهي جلده ونفت في عضده ونزيد كمده، كأن عليا (عليه السلام) خصمنا اللدود، وعدوه الحبيب الودود، هكذا كنا تابعين خطى أبي بكر وعمر، حتى انقضى عهدهما وأدبر.