نبوغ أحد الأئمة من أحفاد سيد الرسل (صلى الله عليه وآله) من أولاد علي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين السبط (عليهم السلام) ولم يكن بروزه في الكفاءة في شتى العلوم والمجالات إلا كأحد آبائه وأبنائه الذين تلوه في المكانة العلمية والعملية والدينية، وليس له ميزة بنبوغه إلا للفرصة المواتية التي مكنته من مد روحه الكبيرة إلى الأطراف والأكناف، والتفاف العلماء والرواد للكسب من مناهله، فكان حقا كالشمس تمد أنوارها في الشرق والغرب، واعترف بفضله أعلام الأمة وعلماؤها، وبمكانته المرموقة، وإليك بعض النبذ التي قالها أكابر علماء أهل السنة فيه:
قال أحد أساطين العلم محمد بن طلحة الشافعي في صفحة (81)، أول الباب السادس من كتابه مطالب السؤول:
" هو: (يقصد الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)) من عظماء أهل البيت وساداتهم، ذو علم جم، وعبادة موقرة، وأوراد متواصلة وزهادة بينة، وتلاوة كثيرة، يتبع معاني القرآن الكريم، ويستخرج من بحره جواهره، ويستنتج عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات، بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكر بالآخرة، واستماع كلامه يزهد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع بأنه من ذرية الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة والأعلام مثل يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وأيوب السجستاني، وغيرهم، رضي الله عنهم، وعدوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها، وفضيلة اكتسبوها ".
وإن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) تحدث بفضله وعلمه ونزاهته وتقواه الركبان والمجالس والعلماء في مؤلفاتهم، ومنهم الشهرستاني في الملل والنحل، ونور الدين المالكي الصباغ، حيث قال: " نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به