في مرض موته طلب دواة وبياض ليكتب لأمته ما لم يضلوا بعده، ويعين فيه خليفته، فقال عمر: دعوا الرجل فإنه يهجر.
وقد مر الحديث بأسانيده في الأجزاء الماضية، واعتراف عمر نفسه أمام ابن عباس بالحديث، وأنه صد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يريد أن يدلي كتابه ويعلن خلافة علي (عليه السلام) فمنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذلك.
ولا يشك عاقل أن الذي يجسر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: يهجر يهون عليه أن يعلن للملأ إن كتب رسول الله ذلك أن الكتابة إنما صدرت عبثا من رجل يهذي يعني لا يعقل.
وأعماله التالية منذ السقيفة وقبلها وبعدها إنما تدل أنه من اليوم الأول دخل الإسلام وهو يريد أن يخالف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا زال يشك في أعمال وأقوال رسول الله لما وجدناه في صلح الحديبية واعتراضه على فتح مكة، وتخلفه عن جيش أسامة وفراره في خيبر وغيرها، وقيامه في السقيفة كأول شخص يبايع أبا بكر غاصبا للأمة حقها في استخلاف خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنصوص عليه من الله ورسوله، باعتراف عمر نفسه وتقديمها لأبي بكر، واستبداد أبو بكر بالأمة وإحالتها إلى عمر دون أن يترك لفرد واحد من الأمة حق الرأي.
وعمر في حياته وحياة أبي بكر منع تدوين السنة والحديث جهارا، واستبداده بالأمور، ثم نقلها لأشر خلق الله عنادا ولجاجا، وإقامة الشورى، تلك البؤرة التي خلقت الفتن والتفرقة والمظالم.
فأي تنزيه ينزه به الخليفة وهو يصرح أنه منع النبي؟ وأنه خالفه، وهو الذي ثبت قوله في غدير خم بمبايعة علي (عليه السلام) وقال له: بخ بخ لك يا علي لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وأن نصوص الكتاب المار ذكرها، ووصايا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي وعترته