والذين لا يعلمون) * وغيرها من الآيات.
وأما الروايات والأحاديث النبوية فحدث ولا حرج، فقد قال (صلى الله عليه وآله): " تعلم العلم من المهد إلى اللحد ".
وقوله (صلى الله عليه وآله): " تعلم العلم ولو بالصين ".
وقوله (صلى الله عليه وآله): " مداد العلماء أفضل من دم الشهداء ".
وقوله (صلى الله عليه وآله): " نوم العالم عبادة ".
وأمثال ذلك، ولا تجد بعد ذلك - أي بعد أبي بكر وعمر وعثمان - من يتصدر المقام العلمي ويشيد به ويكون هو ينبوعا يستقى ويستفاد منه القوم سوى علي المرتضى (عليه السلام) خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حقا، وأخص أيام خلافته.
وما تجده من خطبه المملوءة حكمة وبيانا كثير، ويصرح قائلا: " سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن السماء فإني أعلم بها من أرضكم ".
وهو أول من تنبأ بأن في الكواكب والنجوم مدنا عامرة مثل مدننا هذه، تنبأ بها قبل أن تظهر الاكتشافات الحديثة بألف وأربعمئة سنة.
وقد تقدم للقارئ الكريم أقوالنا بقضاء عمر على المعارف الإسلامية والمعارف العالمية فيما مر مسندة متواترة، لا يمكن ردها البتة.
وكيف ترجو من عمر وهو يعترف بالجهل ويعمل ما يدل على جهله المطلق من الأعمال المارة أن يوقر العلماء ويرفع مقام العلم وينشره، وهو فاقد تلك الجواهر، ويقول الأدباء: " فاقد الشئ لا يعطيه ".
وهي حقيقة إذ كيف تطلب شيئا من شخص يفقد ذلك الشئ ويجهل قيمته؟
وبهذا كان علة لكثير من المصائب، وهي تدهور العلوم العالمية وتأخرها بسبب حرق المكتبات وإتلافها، وخلق المذاهب والفرق الإسلامية بمنع تدوين السنة والحديث.