ومات عثمان وانشغل علي (عليه السلام) بالناكثين والقاسطين والمارقين، وجاء عهد الأمويين وأخص منهم معاوية، نراه يطلب صراحة من ولاته وعماله بتحريف ودس وتزييف الأحاديث والأخبار والسنن، وقلب الشريعة بالشكل الذي يرتأيه.
ووضع كرامات للخلفاء الثلاثة ونشرها وتدريسها على الصبيان والكتاب والنساء.
وتشويه الحقائق والوصايا النبوية فيه وفي عترته، ونسبتها للخلفاء الثلاثة، ثم لبني أمية، وإكرام الواضعين المكذبين المزيفين، والقضاء المبرم على من نقل خلاف ذلك، أو اعترض أو نسب أو روى حديثا لمحمد وآله.
تلك سيرة عمر في الكتاب، وسيرته في السنة، وسيأتي تفصيل ذلك وسندلي كثير من اجتهاداته في موارد النص، ومنع النصوص أو تبديلها، وإقامة بدع ما خلق الله بها من سلطان، بل إعادة كثير من الآثار الجاهلية التي قضى عليها الإسلام، كمحاباة قوم على قوم وأشخاص على آخرين، والعرب على العجم، وغيرها.
ومن المؤسف جدا أنه لم يكتف بالقضاء على المعارف الإسلامية بمنع تدوين الحديث والسنة، بل تجاوز ذلك بالقضاء على المعارف العالمية وإتلافها أينما حل سلطانه، وكان ألد أعداء العلماء والحكماء، وكل من سمع عنه ذو حكمة ومنطق إلا حطم شخصيته وأهان كرامته، تلك التي أصبحت مورد انتقاد الكتاب والعلماء الأجانب واتخذوها ذريعة يوصمون بها الشريعة وصاحبها، وهما بريئان.
بل بالعكس نرى محمدا (صلى الله عليه وآله) خاتم النبيين يشيد بالمفكرين والعلماء والحكماء فقد قال الله تعالى في سورة البقرة، الآية (269): * (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) *. وقال كذلك في سورة الزمر، الآية (9): * (هل يستوي الذين يعلمون