الآخر فإنه لا يجب أداء الحق إلا عند المطالبة.
والظاهر ثبوت الوجوب بكلا قسميه، بداهة أن جعل العمل للغير يوجب اعتبار استحقاقه إياه سواء كان جعله له بالإجارة أو الشرط، إذ ليس واقع الإجارة تمليك الفعل في إجارة الأعمال، بل جعل الإنسان نفسه في الكراء، وجعل عمله بالأجرة، وكما أن لازم جعل العمل للغير عرفا استحقاق الغير له وتمليكه إياه في الإجارة، فكذا جعله بالشرط، وهذا هو الفارق بينه وبين النذر، وهو جعل العمل له تعالى، فإنه لا يعتبر الملكية والحقية الاعتبارية بينه تعالى وبين أعمال عباده، وملكه تعالى للعباد وأعمالهم وأموالهم بنحو آخر غير هذه الملكية الاعتبارية ذات الآثار شرعا وعرفا، فلذا لا يؤثر الجعل له تعالى في الملكية المتعارفة له تعالى، وإنما يتحقق به موضوع لوجوب الوفاء فلا ينبغي الاشكال بعد ثبوت الاستحقاق للمشروط له على المشروط عليه في وجوب الأداء، كما أن قوله (عليه السلام) (فليف لها به ويتم شرطه) (1) ونحوهما كاف في وجوب الوفاء تكليفا محضا وإن لم يكن استحقاق، فإن الظاهر من وجوب الوفاء هنا كالوجوب المتعلق بالوفاء بالبيع والنذر وغيرهما كونه من حيث الوفاء لا من حيث أداء ما يستحقه الغير كما يظهر من تعليله (عليه السلام)، حيث قال (عليه السلام) (من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فإن المسلمين عند شروطهم).
- قوله (رحمه الله): (لظاهر النبوي المؤمنون عند شروطهم... الخ) (2).
لا يخفى أن هذه القضية خبرية، والظاهر أنها كناية عن أحد أمور: من الصحة، واللزوم، ووجوب الوفاء، واللازم حينئذ ملاحظة أن كون المؤمن عند شرطه بحيث لا ينفك عنه لازم أي واحد من الأمور المزبورة، لا شبهة في عدم كونه لازما للصحة والنفوذ، إذ النفوذ كما عرفت مرارا لازم وجود الأمور التسبيبة، وأي ملازمة بين عدم انفكاك المؤمن عن شرطه مع تحقق شرطه؟! إذ الشرط المحقق يمكن أن يكون على نحو ينفك عنه المؤمن.
فيدور الأمر بين اللزوم الوضعي - وهو كونه مما لا ينحل شرعا - وبين وجوب