أولا: أن يعالج مشكلة التكبر في البشر، لأن البشر لا يمكنهم الانتصار على تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالى، إلا إذا انتصروا على ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والاختيار الإلهي، وأنهم المبلغون عن الله تعالى..
وفاتهم أن جعل الأنبياء والأوصياء وسيلة إلى تعالى ضرورة ذهنية للبشر.. ذلك أن الفاصلة بين ذهن الإنسان المحدود الميال إلى المادية والمحدودية، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروري، فاصلة كبيرة، فهي تحتاج إلى نموذج ذهني حاضر من نوع الإنسان، يمارس التوحيد أمامه ويكون قدوة له.
وبدون هذا النموذج القدوة، يبقى الإنسان في معرض الجنوح في تصوره للتوحيد وممارسته، والجنوح في هذا الموضوع الخطير أخطر أنواع جنوح الضلال!!
وهذا هو السبب في اعتقادي في أن الله تعالى جعل أنبياءه وأوصياءهم حججا على العباد.
وهو السبب في أنه جعلهم من نوع أنفسهم وليس من نوع آخر كالملائكة مثلا....
والنتيجة: أن وجود الوسيلة بين العباد والله تعالى لو كان يرجع إلينا لصح لنا أن نقول يا ربنا نريد أن تجعل ارتباطنا بك مباشرا، ولا تجعل بيننا وبينك واسطة في شئ، وهذا ما يميل إليه أهل الإشكال على الشفاعة والتوسل!
ولكن الأمر ليس بيدنا، فالأفضل أن يكون منطقنا أرقى من ذلك فنقول: اللهم لا نقترح عليك، فأنت أعلم بما يصلحنا، وإن أردت أن تجعل أنبياءك وأوصياءك واسطة بيننا وبينك، وحججا علينا عندك، فنحن مطيعون لك ولهم ولا اعتراض عندنا...
وهذا هو التسليم المطلق لإرادته تعالى، وقد عبر عنه سبحانه بقوله لرسوله (صلى الله عليه وآله) في سورة الزخرف 81 - 82: قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين.