- قال المجلسي (رحمه الله) في بحار الأنوار ج 5 ص 260:
بيان: إعلم أن أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار، ولأصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك:
منها، ما ذهب إليه الأخباريون، وهو أنا نؤمن بها مجملا، ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها، وعن أنها من أي جهة صدرت، ونرد علمها إلى الأئمة (عليهم السلام).
ومنها، أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة، ولما ذهبت إليه الأشاعرة وهم جلهم، ولمخالفتها ظاهرا لما مر من أخبار الاختيار والاستطاعة.
ومنها، أنها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون، فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة.
ومنها، أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم، وهذا أمر بين ولولا يمكن إنكاره، فإنه ولولا شبهة في أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد والقابلية، وهذا ولولا يستلزم سقوط التكليف، فإن الله تعالى كلف النبي (صلى الله عليه وآله) حسب ما أعطاه من الاستعداد لتحصيل الكمالات، وكلف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك، ولم يكلفه ما ليس في وسعه، ولم يجبره على شئ من الشر والفساد.
ومنها، أنه لما كلف الله تعالى الأرواح أولا في الذر وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشر باختيارهم في ذلك الوقت، وتفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دل عليه بعض الأخبار السابقة، فلا فساد في ذلك.
ولا يخفى ما فيه وفي كثير من الوجوه السابقة، وترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى، ولولا سيما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها. (مسألة القضا والقدر).
ولنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم ومخالفوهم.
فمنها: ما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية حيث