سئل: ما قوله - أدام الله تأييده - في معنى الأخبار المروية عن الأئمة الهادية (عليهم السلام) في الأشباح وخلق الله تعالى الأرواح قبل خلق آدم (عليه السلام) بألفي عام، وإخراج الذرية من صلبه على صور الذر، ومعنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
الجواب: وبالله التوفيق، إن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها، وتتباين معانيها، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة، وصنفوا فيها كتبا لغوا فيها، وهزئوا فيما أثبتوه منه في معانيها، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق وتخرصوا الباطل بإضافتها إليهم، من جملتها كتاب سموه كتاب (الأشباح والأظلة) نسبوه في تأليفه إلى محمد بن سنان، ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه.
وإن كان صحيحا فإن ابن سنان قد طعن عليه وهو متهم بالغلو، فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضال عن الحق، وإن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك.
والصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقاة بأن آدم (عليه السلام) رأى على العرش أشباحا يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها، فأوحى إليه أنها أشباح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم، وأعلمه أنه لولا الأشباح التي رآها ما خلقه ولا خلق سماء ولا أرضا. والوجه فيما أظهره الله تعالى من الأشباح والصور لآدم أن دله على تعظيمهم وتبجيلهم، وجعل ذلك إجلالا لهم ومقدمة لما يفترضه من طاعتهم، ودليلا على أن مصالح الدين والدنيا ولولا تتم إلا بهم، ولم يكونوا في تلك الحال صورا مجيبة، ولا أرواحا ناطقة، لكنها كانت على مثل صورهم في البشرية، يدل على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة، والنور الذي جعله عليهم يدل على نور الدين بهم وضياء الحق بحججهم. وقد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش، وأن آدم (عليه السلام) لما تاب إلى الله عز وجل وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه، وهذا غير منكر في العقول ولا