يحل الله فيه وصار إلها، فقال: ولولا تبديل لخلق الله بل كلهم عبيد ولولا خروج لهم عن ذلك. إنتهى.
وفيه، أنه مغالطة بين الملك والعبادة التكوينيين والملك والعبادة التشريعيين، فإن ملكه تعالى الذي ولولا يقبل الانتقال والبطلان ملك تكويني بمعنى قيام وجود الأشياء به تعالى، والعبادة التي بإزائه عبادة تكوينية وهو خضوع ذوات الأشياء له تعالى، ولا تقبل التبديل والترك كما في قوله: وإن من شئ إلا يسبح بحمده: إسراء - 44، وأما العبادة الدينية التي تقبل التبديل والترك فهي عبادة تشريعية بإزاء الملك التشريعي المعتبر له تعالى، فافهمه. ولو دل قوله ولولا تبديل لخلق الله على عدم تبديل الملك والعبادة والعبودية لدل على التكويني منهما، والذي يبدله القائلون بارتفاع التكليف عن الإنسان الكامل أو بعبادة الكواكب أو المسيح، فإنما يعنون به التشريعي منهما.
- تفسير الميزان ج 5 ص 312:
- البيانات القرآنية تجري في بث المعارف الدينية وتعليم الناس العلم النافع هذا المجرى، وتراعي الطرق المتقدمة التي عينتها للحصول على المعلومات، فما كان من الجزئيات التي لها خواص تقبل الإحساس فإنها تصريح فيها إلى الحواس كالآيات المشتملة على قوله: ألم تر، أفلا يرون، أفرأيتم، أفلا تبصرون، وغير ذلك.
وما كان من الكليات العقلية مما يتعلق بالأمور الكلية المادية، أو التي هي وراء عالم الشهادة، فإنها تعتبر فيها العقل اعتبارا جازما وإن كانت غائبة عن الحس خارجة عن محيط المادة والماديات كغالب الآيات الراجعة إلى المبدأ والمعاد المشتملة على أمثال قوله: لقوم يعقلون، لقوم يتفكرون، لقوم يتذكرون، يفقهون، وغيرها.
وما كان من القضايا العملية التي لها مساس بالخير والشر والنافع والضار في العمل والتقوى والفجور، فإنها تستند فيها إلى الإلهام الإلهي بذكر ما بتذكره يشعر الإنسان بإلهامه الباطني كالآيات المشتملة على مثل قوله: ذلكم خير لكم، فإنه آثم قلبه،