وفي كل القرآن نجد التأكيد على هذا الشرط: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم. (سورة المائدة: 15 - 16) إن البصيرة المطلوبة لرؤية التجلي الإلهي في القرآن، تكمن في هذه الجملة: ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه! فماذا نعمل لكي نصل إليها؟!
لا تضيعوا وقتكم، فليست المسألة دراسة ولا بحثا وتحصيلا، ومهما ألقيت عليكم دروسا فلا أثر لها هنا أصلا، ومهما درستم وقرأتم لتصير الزجاجة الموجودة في داخل الرمل والصخر مصباحا، ويتصل المصباح بالكهرباء، ويضئ، فلا أثر لقراءتكم! لأن المسألة ليست فكرية! ليست كتاب الكفاية، ولا نهاية الدراية، ولا جواهر الكلام، لتدرسوها عند أستاذ!
الطريق هنا طريق آخر.. فلا بد أن يتم صهر صخرنا أو رملنا في أتون حتى يذوب، ثم يفصل المعدن الذائب عن تفالته، ثم يصنع منه المصباح.. وبعد ذلك يحتاج الأمر إلى (يد) تصله بتيار الكهرباء حتى يضئ!
إن تيار الكهرباء ومنبعه من عند الله تعالى: الله نور السماوات والأرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دري، يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية، يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء، ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم). (سورة النور: 35)، فأنا وأنت زجاجة مصباح، وذلك هو مصنع الكهرباء، ونحن في باطن الرمل والصخور، فلا بد أن نخرج منها، وأن ننصهر بدرجة حرارة عالية فنذوب، ثم ننفصل عن بقية موادنا الزائدة، ثم ندخل إلى المصنع، ليصنع صاحبه منا زجاجة مصباح.