نعم، هذه هي كلمة: سبحان الله التي أتى بها! وهذا هو العمل الذي عمله في تعريف البشر بالله تعالى! فكل ما في هذا العالم من تسبيح لله تعالى، فإنما هو من كلمات شفتيه، وكل ما في العالم من تحميد لله تعالى، فأصله من لفظ لسانه الشريف. وكل ما فيه من توحيد فمنبعه من نطق فمه المبارك. وكل ما فيه من تكبير، فمنطلقه من صوته النبوي.
هذا ما عمله النبي صلى الله عليه وآله في تعريف الخلق بخالقهم تبارك وتعالى.
أما ما عمله مع خلق الله تعالى، فإن النموذج الواحد منه يحتاج شرحه إلى كتاب! في ذلك الوقت الذي انهزم المسلمون في أحد، وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وحده مع علي أمام سيوف قريش الحاقدة، فقاتل صلى الله عليه وآله ومعه علي عليه السلام فقط، قاتلا بعد أن جرح أبو دجانة لساعات يردان هجمات المشركين المستميتة لقتل النبي صلى الله عليه وآله حتى جرح في جبهته الشريفة وكسرت مقدمة أسنانه، وهذا ما لم يحدث له في كل حياته، فأي جبهة جرحت يومئذ، وأسنان أي فم كسرت؟ لقد تزلزلت أركان العالم، فالعالم قشر والنبي لبه، وإذا تضرر اللب فما قيمة القشر؟!
في ذلك الظرف، قالوا له: يا رسول الله أدع عليهم.. في ذلك الوقت وقد سال ذلك الدم المقدس من جبهته وفمه، فوق قميصه الخام، ذلك القميص الذي لم يفتح إلا عندما لبسه النبي صلى الله عليه وآله يومها، ثم طواه ليفتحه بيده ولده الموعود الإمام المهدي عليه السلام! قيل له: أدع عليهم فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون!
هذا ما عمله للخلق: إلهي أريد منك لهؤلاء بدل العذاب الذي يستحقونه أن ترحمهم وتنعم عليهم! بأي نعمة؟ بنعمة الهداية التي هي أغلى جوهر في