الخطوة الأولى أن نعرف ما هو؟ وأنتم أيها الفضلاء لستم عواما، فالقرآن للعوام عبارات، لكنه للخواص إشارات. أرجو أن تنتبهوا إلى هذا الموضوع لأنفسكم وغيركم، فكل واحد منا مسؤول حسب سهمه في القرآن.
لاحظوا أنه تعالى يستعمل صيغة (تبارك) في موارد خاصة كقوله تعالى: إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استوى على العرش، يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين. (سورة الأعراف: 54) دققوا في التعبير، فعند ما يجمع الله الخلق والأمر فقد جمع الملك والملكوت أي لب الكون وقشره، وهنا يقول (تبارك).
وعندما ينهي الملك والوجود اليه تعالى يقول أيضا (تبارك)، تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير. (سورة الملك: 1) ثم لاحظوا أنه عندما يصل العالم إلى ثمرته، وتجتمع عصارة العالم في آدم وذريته.. من نطفة إلى علقة إلى مضغة، ثم يكسو العظام لحما، ثم ينشؤه خلقا آخر.. يعبر عنه بقوله (تبارك): ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. (سورة المؤمنون: 14) الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء، وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات، ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين. (سورة غافر: 64).
ثم لاحظوا أنه سبحانه استعمل كلمة (تبارك) في كلامه عن تنزيل الكتاب على عبده: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. (سورة الفرقان: 1) وذلك ليفهمنا أن الله الذي له الملك والملكوت، والذي جعل عصارة العالم وخلاصته الإنسان هو: الذي نزل الفرقان على عبده!
وليحرك أذهاننا لنفهم ماذا في القرآن، وماذا يجب أن نعمل لكي نفوز به،