حسين مني.. ماذا تعني؟ هذه الياء التي هي ضمير متصل بمن، ثم جاءت ضميرا منفصلا في أول الجملة الثانية: وأنا من حسين، أي ياء هي؟ وعن أي معنى تحكي؟ ينبغي أن ينتبه من كان منهم متضلعا في الاستدلالات العقلية، إلى أن كلمة: مني، هنا لا تعني أن الحسين يدي، أو عيني، أو رأسي، أو جسدي.. فالياء هنا وكذا: أنا، تعني تمام وجود النبي صلى الله عليه وآله، من بدن وقوى! فالحسين وجود انشعب من حقيقة الحقائق!
فإن لم يكونوا من أهل التخصصات العقلية العالية، فلا أقل أن يتفهموا النمط الثالث للنفس الأرضية والسماوية عند ابن سينا، هناك حيث يقال للإنسان: إرجع إلى نفسك وتأمل! فليقرؤوا التنبيه الأول في إشارات ابن سينا في بحث النفس حتى آخره ليعرفوا حقيقة العلية للإنسانية، وأنها مبدأ الإدراك والحركة ومبدأ كل فعل وانفعال في تكوين شخصيته!
حسين مني.. معناها أنه منشعب ومتفرع من جوهر النبوة السامي اللطيف، هذا الجوهر الذي هو فوق البدن البشري للنبي صلى الله عليه وآله ذي الحواس المعروفة، وفوق البدن المثالي للنبي صلى الله عليه وآله الذي له حواسه أيضا. أما حسين مني.. فهو من جوهر مرتبته أعلى من هذا البدن المادي، وذاك البدن المثالي!
ما أسهل رواية الحديث، فقد رواه كبارهم وصححوه.. رواه الحاكم النيشابوري وصححه هو والذهبي، ورواه آخرون كالترمذي وابن ماجة والبخاري، لكن اقتحام العقبة إنما هو بفقهه لا بروايته فماذا فعلتم في فقهه؟!
لو فهمتم معنى حسين مني، لتابعتم سيركم.. فالحسين من النبي صلى الله عليه وآله، والنبي من ماذا؟ والى أين يرجع الضمير في (مني) ومن أين تفرع النبي صلى الله عليه وآله؟! هنا يخشع خواص المفكرين ويقولون: انكسرت الأقلام، وخرس البيان!