ثم تأملوا فيما قاله الزمخشري بعد أن نقل قضية المباهلة، في سبب تقديم الأبناء والنساء في آية المباهلة: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم...) قال: (وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها. وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي (ص)) (الكشاف: 1 / 370) وبذلك اعترف الزمخشري بأن فاطمة والحسن والحسين مفدون بنفس النبي صلى الله عليه وآله وكذلك قال البيضاوي إن في الآية دليلين على نبوة النبي صلى الله عليه وآله وعلى فضيلة أهل الكساء عليهم السلام.
أما الفخر الرازي فقال: وكان رسول الله خرج وعليه مرط أسود وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي رضي الله عنه خلفهما، وهو يقول: إذا دعوت فأمنوا، فقال أسقف نجران.. إلى آخر ما ذكره الزمخشري، ثم ذكر الرازي رواية حديث الكساء وقال: واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث. (تفسير الفخر الرازي: 7 / 85) حسنا، لقد اعترفوا كلهم بهذا المقام العظيم لهؤلاء العظماء الذين يفديهم النبي بنفسه!
وهنا نوجه سؤالنا إلى الزمخشري رجل التفسير، والى الفخر الرازي رجل العقل والفلسفة، صاحب التفسير وشرح الإشارات والمباحث المشرقية، إلى من يشبههما من أهل الدقة والتعمق من علماء السنة أمثال البيضاوي والحاكم والسيوطي، فقد رووا كلهم واعترفوا أن الله تعالى أظهر للعالم في آية المباهلة أنه لا يوجد على وجه الأرض أقرب اليه بعد النبي صلى الله عليه وآله من هؤلاء الأربعة،