علمناهم.. هنا يوجد العلم.. أما بقية ما يوجد في الكتب فهو تفالة.. يشبه القوت الذي يأكله الإنسان، ففيه تفالة لا بد أن تذهب جانبا..
هذه أسرار.. كلها بقيت في أكمامها، مما رزقناهم.. مما علمناهم..
إن كل ما استوعبتموه من الكتاب والسنة ثم هضمتموه، فهو قوت روحكم وهو الرزق الذي يقصده الإمام عليه السلام.
وإن رزق أرواحكم وقوام وجودكم الأبدي إنما هو في مائدة واحدة ليس إلا: القرآن وروايات أهل البيت عليهم السلام، فركزوا فكركم ما استطعتم منها.
لقد أعطى الإمام الصادق عليه السلام بنصف سطر عالما من الأفكار!
والآن إن كانت هذه السعادة من نصيبكم، فاعملوا أولا لأن تكونوا مصداق (علمناهم)، فتعلموا من الكتاب والسنة، ثم بثوه للناس في هذه الشهر المبارك.
بعضكم معذور من السفر، وعدة منكم راحتهم في بقائهم عند أهليهم وعيالهم، ويلاقون في سفرهم صعوبات.. اتركوا عنكم هذه الأعذار، فإن الذي يخسر هو الذي لا يبث ما تعلمه للناس.
المسألة من الأهمية بمكان، وأذكر لكم فيها حديثا واحدا:
في تفسير العسكري عليه السلام ص 340: جاءت امرأة إلى الصديقة الزهراء عليها السلام فقالت لها: (إن لي والدة ضعيفة وقد لبس عليها في أمر صلاتها شئ، وقد بعثتني إليك أسألك. فأجابتها فاطمة عن ذلك، ثم ثنت، فأجابت، ثم ثلثت فأجابت، إلى أن عشرت فأجابت، ثم خجلت من الكثرة فقالت: لا أشق عليك يا بنت رسول الله.
قالت فاطمة عليها السلام: هاتي وسلي عما بدا لك، أرأيت من اكتري يوما أن يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراؤه مائة ألف دينار أيثقل عليه؟ فقالت: لا. فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا، فأحرى أن لا يثقل علي).