والأمر الأعجب والخطب الأفظع بعد جحدك حقك، غصب الصديقة الزهراء سيدة النساء فدكا، ورد شهادتك وشهادة السيدين سلالتك وعترة أخيك المصطفى صلوات الله عليكم، وقد أعلى الله تعالى على الأمة درجتكم، ورفع منزلتكم، وأبان فضلكم، وشرفكم على العالمين، فأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا!
قال الله جل وعز: إن الإنسان خلق هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا. وإذا مسه الخير منوعا، إلا المصلين (سورة المعارج: 19 - 22)، فاستثني الله تعالى نبيه المصطفى وأنت يا سيد الأوصياء من جميع الخلق، فما أعمه من ظلمك عن الحق، ثم أفرضوك سهم ذوي القربى مكرا أو حادوه عن أهله جورا، فلما آل الأمر إليك أجريتهم على ما أجريا رغبة عنهما بما عند الله لك، فأشبهت محنتك بهما محن الأنبياء عليهم السلام عند الوحدة وعدم الأنصار.
وأشبهت في البيات على الفراش الذبيح عليه السلام، إذ أجبت كما أجاب، وأطعت كما أطاع إسماعيل صابرا محتسبا، إذ قال له: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين (سورة الصافات: 102) وكذلك أنت لما أباتك النبي صلى الله عليكما، وأمرك أن تضطجع في مرقده واقيا له بنفسك، أسرعت إلى إجابته مطيعا، ولنفسك على القتل موطنا، فشكر الله تعالى طاعتك، وأبان عن جميل فعلك بقوله جل ذكره: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد (سورة البقرة: 207) ثم محنتك يوم صفين، وقد رفعت المصاحف حيلة ومكرا، فأعرض الشك وعرف الحق واتبع الظن، أشبهت محنة هارون إذ أمره موسى على قومه فتفرقوا عنه، وهارون يناديهم: يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري. قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى (سورة طه: 90 - 91) وكذلك أنت لما رفعت المصاحف قلت: يا قوم إنما فتنتم بها وخدعتم، فعصوك وخالفوا عليك، واستدعوا نصب الحكمين، فأبيت عليهم، وتبرأت إلى الله من فعلهم وفوضته إليهم. فلما أسفر الحق وسفه المنكر، واعترفوا بالزلل والجور عن القصد، واختلفوا من بعده، وألزموك على سفه التحكيم الذي أبيته، وأحبوه وحظرته، وأباحوا ذنبهم الذي اقترفوه. وأنت على نهج بصيرة وهدى، وهم على سنن ضلالة وعمى، فما