ذلك أولها: أنت أحسن الخلق عبادة!
ولابد أن نعرف ما هي العبادة، فالسر كله هنا فقد سمعنا بعبادة الله تعالى، لكن هل فهمنا معناها؟!
إن مفهوم العبادة من المفاهيم ذات التعلق، أي التي لا يمكن فهمها إلا بفهم المتعلق وطرف التعلق، ومن الواضح لدى أهل النظر أن مفهوم الإضافة ذاتها لا يمكن فهمه بدون المضاف والمضاف اليه (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) فما هي العبادة، وما هو العابد، وما هو المعبود؟
لابد لفهم العبادة أن نعرف المعبود الذي صفته أن: (كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه، فهو مخلوق مصنوع مثلكم، مردود إليكم) (البحار: 66 ص 292)، لابد نعرف الإنسان بصفاته بالفعل والقوة، لكي نفهم قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). (سورة الذريات: 56) والخلاصة أن هذا العالم تم خلقه، وأنشئت شجرته العظيمة المترامية المذهلة، من أجل ثمرة واحدة، هي العبادة!
فلابد أن ننظر إلى هذه القوة التي خلقها الله في مخلوقاته لمعرفته وعبادته، لنرى في أي مخلوق بلغت فعليتها، ونرى هذا الاستعداد في المخلوقات بأي شكل تم ظهوره وبأي وجود تحقق؟
إن العبادة عبادتان: عبادة بالتسخير، وعبادة بالاختيار، وفي كل منهما بحث.. والعبادة بالاختيار تكون من المخلوقات الذين وهب الله لهم عقلا، سواء من عالم الملك أو الملكوت: من ملائكة أسكنتهم سمواتك ورفعتهم عن أرضك، هم أعلم خلقك بك، وأخوفهم لك، وأقربهم منك. لم يسكنوا الأصلاب، ولم يضمنوا الأرحام، ولم يخلقوا من ماء مهين، ولم يشعبهم ريب المنون. وإنهم