وأشهد أنك يا أمير المؤمنين جاهدت في الله حق جهاده، حتى دعاك الله إلى جواره، وقبضك إليه باختياره، وألزم أعداءك الحجة، بقتلهم إياك، لتكون لك الحجة عليهم، مع ما لك من الحجج البالغة على جميع خلقه.
السلام عليك يا أمير المؤمنين، عبدت الله مخلصا، وجاهدت في الله صابرا، وجدت بنفسك صابرا محتسبا، وعملت بكتابه، واتبعت سنة نبيه صلى الله عليه وآله، وأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر ما استطعت، مبتغيا مرضاة ما عند الله، راغبا فيما وعد الله لا تحفل بالنوائب، ولا تهن عند الشدائد، ولا تحجم عن محارب.
أفك من نسب غير ذلك وافترى باطلا عليك، وأولى لمن عند عنك. لقد جاهدت في الله حق الجهاد، وصبرت على الأذى صبر احتساب، وأنت أول من آمن بالله وصلى له، وجاهد وأبدى صفحته في دار الشرك، والأرض مشحونة ضلالة، والشيطان يعبد جهرة.
وأنت القائل لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة، ولو أسلمني الناس جميعا لم أكن متضرعا.
اعتصمت بالله فعززت، وآثرت الآخرة على الأولى فزهدت، وأيدك الله وهداك وأخلصك واجتباك، فما تناقضت أفعالك، ولا اختلفت أقوالك، ولا تقلبت أحوالك، ولا ادعيت ولا افتريت على الله كذبا، ولا شرهت إلى الحطام، ولا دنستك الآثام، ولم تزل على بينة من ربك ويقين من أمرك، تهدي إلى الحق والى صراط مستقيم.
أشهد شهادة حق، وأقسم بالله قسم صدق أن محمدا وآله صلوات الله عليهم سادات الخلق، وأنك مولاي ومولى المؤمنين، وأنك عبد الله ووليه وأخو الرسول، ووصيه ووارثه، وأنه القائل لك: والذي بعثني بالحق ما آمن بي من كفر بك، ولا أقر بالله من جحدك. وقد ضل من صد عنك، ولم يهتد إلى الله تعالى ولا إلي من لا يهتدى بك، وهو قول ربي عز وجل: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) إلى ولايتك.
مولاي فضلك لا يخفى، ونورك لا يطفى، وإن من جحدك الظلوم الأشقى.
مولاي أنت الحجة على العباد، والهادي إلى الرشاد، والعدة للمعاد.
مولاي لقد رفع الله في الأولى منزلتك، وأعلى في الآخرة درجتك، وبصرك ما عمي