(صلوات الله عليك غادية ورائحة، وعاكفة وذاهبة، فما يحيط المادح وصفك، ولا يحبط الطاعن فضلك. أنت أحسن الخلق عبادة، وأخلصهم زهادة، وأذبهم عن الدين. أقمت حدود الله بجهدك، وفللت عساكر المارقين بسيفك، تخمد لهب الحروب ببنانك، وتهتك ستور الشبه ببيانك، وتكشف لبس الباطل عن صريح الحق، لا تأخذك في الله لومة لائم). (1) إن شخصية كأمير المؤمنين عليه السلام، ينبغي أن تعرفها شخصية مثل الإمام الهادي عليه السلام! أما نحن جميعا من الصدر إلى الذيل، فيجب أن نكم أفواهنا، ونتأمل فيما قاله الذين يستحقون أن يكونوا مداحين لأمير المؤمنين عليه السلام!
إن كل جملة من هذا النص المعصوم، تحتاج إلى ساعات من الحديث، ونكتفي هذا اليوم بواحدة منها!
إن الفرق بين كلام المعصوم وغيره أن كلام المعصوم يغلب الحقيقة والواقع! فغير المعصوم مهما كان مستوى فكره وعلمه، فألفاظه تغلب معانيها، لأنه ليس (محيطا) بالواقع! وهي مسألة مهمة ينبغي لأهل الدقة أن يتأملوا فيها! وكلما كان مستوى فكر المتكلم أعلى، وكان إدراك عقله أعمق، كان التناسب بين الألفاظ والمعاني أكثر.
فالمعادلة هنا: أن مستوى الفكر كلما نزل كلما كان التطابق والتناسب والانسجام أقل، وكلما ارتفع كان أكثر.
لكن في كل المستويات لا يمكن أن يكون كلام غير المعصوم أقوى من الواقع، بل الواقع دائما أقوى منه لأن غلبة الكلام على الواقع تحتاج إلى إحاطة صاحبه الكاملة بالواقع، وهي صفة خاصة بالمعصوم، فهو وحده هو الذي يملك الإحاطة بالحقيقة، ويستطيع أن يفصل لها ثوب الألفاظ المناسب، ويلبسها إياه!