أنس بن مالك: " إن النبي صلى الله عليه وآله كان عنده طائر فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء أبو بكر فرده ثم جاء عمر فرده ثم جاء علي فأذن له ".
وأما الاحتمال الثاني فيرده وجوه:
الأول: إنه قد تقرر أن حذف المتعلق يدل على العموم، فالحديث ظاهر في الأحبية من جميع الجهات، وتخصيصه بجهة دون أخرى بلا مخصص مردود.
وثانيا: إن هذه الشبهة طرحها بعض المخالفين المتقدمين على السعد بقرون، وتعرض للجواب عنها المشايخ الكبار من أصحابنا، قال الشيخ محمد بن محمد النعمان البغدادي المعروف بالمفيد المتوفى سنة 413 قال كما في (الفصول المختارة): " هذا الذي اعترضت به ساقط، وذلك أن محبة الله تعالى ليست ميل الطباع وإنما هي الثواب، كما أن بغضه وغضبه ليست باهتياج الطباع. وإنما هما العقاب، ولفظ أفعل في أحب وأبغض لا يتوجه إلا ومعناهما من الثواب والعقاب، ولا معنى على هذا الأصل لقول من زعم أن أحب الخلق إلى الله يأكل مع رسول الله توجه إلى محبة الأكل والمبالغة في ذلك بلفظ أفعل، لأنه يخرج اللفظ مما ذكرناه من الثواب إلى ميل الطباع، وذلك محال في صفة الله تعالى ".
وثالثا: إن حديث الطير مما احتج به الإمام عليه السلام في مناشدة أهل الشورى، روى ذلك الحاكم النيسابوري - كما في كفاية الطالب - وجماعة من كبار المحدثين، فلو كان مراد النبي صلى الله عليه وآله وسام الأحب في الأكل فقط لما تم احتجاجه، أو لذكره القوم بذلك وما سكتوا.
ورابعا: لو كان النبي صلى الله عليه وآله أراد الأحب في شئ دون شئ لجاء مع علي عليه السلام أناس آخرون يكونون أحب إليه في بعض الأمور، بل لا يكون لدعائه فائدة، لأن حال علي حينئذ كسائر المؤمنين الذين يحبهم الله في بعض أعمالهم، ففي أي شئ كان تأثير دعائه صلى الله عليه وآله المستجاب قطعا؟